في خطوة جريئة أحدثت صدمة في عالم الأعمال والترفيه، أعلن قطب التكنولوجيا إيلون ماسك عن خطط لشراء شبكة سي بي إس، إحدى أكبر شبكات التلفزيون وأكثرها رسوخًا في الولايات المتحدة. وتعهد ماسك، الذي يشغل منصب الرئيس التنفيذي لشركة تيسلا، وسبيس إكس، ومالك موقع تويتر (الآن إكس)، بإعادة تشكيل الشبكة والقضاء على ما وصفه بـ “اليقظة” من برامجها. ومن المتوقع أن يتم الانتهاء من الصفقة بعد 20 يناير، مما يمهد الطريق لتحول كبير في مشهد وسائل الإعلام السائدة.
ويأتي إعلان ماسك بعد سلسلة من التصريحات العامة التي انتقد فيها التأثير المتزايد للصوابية السياسية وثقافة “الاستيقاظ” في وسائل الإعلام الأمريكية. وأعرب عن قلقه من أن المنافذ الرئيسية، بما في ذلك سي بي إس، أصبحت تركز بشكل مفرط على القضايا الاجتماعية وسياسات الهوية، على حساب التقارير الموضوعية والمحتوى الترفيهي. وفي تغريدة، صرح ماسك، “أنا أشتري سي بي إس لأن الشبكة فقدت طريقها. لقد حان الوقت لإعادة المحتوى المتوازن وغير المتحيز، الخالي من الأجندات السياسية”.
وقد أثار الاستحواذ المخطط له مزيجاً من الإثارة والقلق. ويزعم أنصار رؤية ماسك أن زعامته قد تعيد تنشيط شبكة سي بي إس، وتعيدها إلى مجدها السابق كمزود محترم للأخبار والترفيه. وهم يعتقدون أن تركيزه على القضاء على “الوعي” من شأنه أن يسمح للشبكة بالتركيز على تقديم محتوى يجذب جمهوراً أوسع، دون تنفير المشاهدين الذين يشعرون بالحرمان من حقوقهم بسبب النفوذ المتزايد للأيديولوجيات التقدمية في وسائل الإعلام.
من ناحية أخرى، يخشى منتقدو خطة ماسك من التأثير المحتمل على نزاهة الصحافة ودور وسائل الإعلام في تشكيل الخطاب العام. وقد أثار البعض مخاوف من أن تؤدي محاولة ماسك لإزالة “الوعي” إلى ميل أكثر تحفظًا في برمجة سي بي إس، مما قد يدفع الشبكة إلى عالم الأخبار الحزبية. قالت سارة ميلر، محللة إعلامية: “تتحمل شركات الإعلام مسؤولية تغطية وجهات نظر متنوعة. إذا دفع ماسك سي بي إس في اتجاه التوحيد الأيديولوجي، فقد يؤدي ذلك إلى تآكل ثقة ملايين المشاهدين الذين يعتمدون على شبكات مثل سي بي إس في التقارير المتوازنة”.
لكن ماسك رفض هذه المخاوف بشدة، مؤكدا أن هدفه ليس دفع أي أجندة سياسية معينة بل خلق مساحة حيث يمكن للمشاهدين الوصول إلى محتوى خال من تأثير الأيديولوجيات المتطرفة. وأكد أن رؤيته لشبكة سي بي إس تركز على تقديم وجهات نظر متنوعة، ولكن دون صرامة النشاط الاجتماعي الذي يعتقد أنه هيمن على الشبكة في السنوات الأخيرة.
ومع تقدم عملية بيع سي بي إس إلى ماسك، ستتجه كل الأنظار إلى الكيفية التي سينفذ بها رجل الأعمال التكنولوجي خططه. وفي حين يعتقد بعض المطلعين على وسائل الإعلام أن تدخل ماسك قد يمثل بداية عصر جديد للتلفزيون الشبكي، يظل آخرون متشككين في قدرته على التعامل بنجاح مع تعقيدات صناعة البث مع الوفاء بوعوده.
في الأشهر المقبلة، لا شك أن مستقبل سي بي إس تحت قيادة ماسك سوف يكون موضوع نقاش ساخن، حيث يراقب كل من المؤيدين والمنتقدين عن كثب التغييرات التي ستطرأ. ويبقى أن نرى ما إذا كان ماسك سينجح في مهمته لإعادة تشكيل سي بي إس أم لا، ولكن هناك شيء واحد مؤكد: هذا الاستحواذ سوف يخلف عواقب بعيدة المدى على المشهد الإعلامي في الولايات المتحدة.