في تطور مفاجئ للأحداث، أعلن إيلون ماسك، قطب صناعة السيارات الكهربائية ومؤسس شركتي تسلا وسبيس إكس، عن نيته الاستحواذ على شبكة إيه بي سي التلفزيونية. وما يجعل هذه الخطوة أكثر إثارة للدهشة هو اقتراحه تعيين تاكر كارلسون، مقدم البرامج السابق في قناة فوكس نيوز، كرئيس تنفيذي للشبكة. ويبدو أن ماسك، المعروف بتصريحاته المثيرة للجدل ونهجه التخريبي في مختلف القطاعات، يراهن على تغيير جذري في صناعة الإعلام. فماذا تعني هذه الخطوة وما التأثير الذي قد تخلفه على المشهد الإعلامي؟
كان إيلون ماسك من أشد المدافعين عن حرية التعبير وانتقد علناً ما أسماه “الوعي”. ووفقاً لماسك، كان لهذه الأيديولوجية تأثير سلبي على وسائل الإعلام، مع ميل قوي نحو السياسة التقدمية والرقابة المتزايدة الحضور. ويبدو أن خطته للاستحواذ على ABC ووضع كارلسون على رأس الشبكة هي استجابته لما يراه “تحيزاً أيديولوجياً” هيمن على الصحافة التقليدية.
وقال ماسك في مؤتمر صحفي عقده مؤخرا: “أعتقد أن هذه هي الطريقة الوحيدة للقضاء على اليقظة التي سادت الشبكة وإعادة التلفزيون إلى ما كان من المفترض أن يكون عليه دائمًا: مساحة لجميع الأصوات، بغض النظر عن توجهاتها السياسية”. وبالنسبة للكثيرين، يعكس هذا التعليق موقفًا أثار الإعجاب والنقد، حيث كان مفهوم “اليقظة” موضوعًا للنقاش في السنوات الأخيرة.
كان تاكر كارلسون، الذي كان أحد أكثر المذيعين تأثيرًا على قناة فوكس نيوز، شخصية مثيرة للجدل في وسائل الإعلام، ومعروفًا بآرائه المحافظة وانتقاداته اللاذعة لليبرالية. ترك رحيله عن قناة فوكس نيوز في أوائل عام 2023 فراغًا في عالم الصحافة المحافظة، لكن وصوله إلى ABC كرئيس تنفيذي قد يكون أكثر تحولًا.
كان كارلسون، الذي يتمتع بقاعدة جماهيرية ضخمة، من أبرز المنتقدين لما يسمى “الوعي” وأعرب مرارًا وتكرارًا عن رغبته في إنشاء منصة إعلامية تتحدى المعايير الراسخة. إن اقتراح ماسك بتعيينه كزعيم لشبكة ABC هو خطوة استراتيجية لجذب جمهور أكثر تحفظًا، مع توفير مساحة لسرد أكثر تعددية في وسائل الإعلام.
إن شراء ماسك لشبكة ABC قد يشكل نقطة تحول في صناعة الإعلام. إن نفوذ ماسك، الذي يمتد بالفعل عبر منصات مثل تويتر (الآن X) وسبيس إكس، قد يحول ABC إلى عملاق إعلامي أكثر انسجامًا مع مُثُله.
ولكن خطة ماسك ليست خالية من الجدل. إذ يزعم العديد من المنتقدين أن هذا الاستحواذ قد يعزز الاستقطاب في وسائل الإعلام، ويزيد من انقسام الجمهور بين واقعين إعلاميين مختلفين تماما. ومع تقدم ماسك في مفاوضاته، يظل السؤال مطروحا: هل يستطيع حقا القضاء على ما يراه “صحوة الشبكة” مع الحفاظ على شبكة متوازنة وجديرة بالثقة؟
إن اقتراح ماسك بشراء ABC وتعيين كارلسون على رأسها هو مثال واضح على كيفية دخول رواد الأعمال في مجال التكنولوجيا إلى صناعة الإعلام بأفكار مبتكرة. وإذا نجحت هذه الخطوة، فقد تغير إلى الأبد الطريقة التي نستهلك بها الأخبار والترفيه، وتعيد تعريف العلاقة بين السياسة ووسائل الإعلام والجمهور.
في الوقت الحالي، لا يزال مستقبل هذا الاستحواذ غير مؤكد، ولكن من الواضح أن إيلون ماسك وتوكر كارلسون مستعدان لتحدي الوضع الراهن لوسائل الإعلام التقليدية. والوقت وحده هو الذي سيخبرنا ما إذا كانت رؤيتهما ستحقق التأثير الذي يأملانه.