في خطوة جريئة أحدثت صدمة في عالم الإعلام والتكنولوجيا، أفادت تقارير أن إيلون ماسك وضع خططًا لشراء شبكة البث التلفزيوني الأمريكية ABC. كما كشف ماسك، المعروف باستراتيجياته التجارية غير التقليدية وتفكيره غير التقليدي، أنه ينوي تعيين المذيع السابق في قناة فوكس نيوز تاكر كارلسون كرئيس تنفيذي للشبكة. ووفقًا لمصادر مقربة من ماسك، فإن هذه الخطوة هي جزء من استراتيجية أوسع نطاقًا “لإزالة الوعي” من الشبكة، وهي الجهود التي أشعلت جدلاً حادًا عبر الطيف السياسي والإعلامي.
وتأتي رغبة ماسك في شراء ABC في وقت يشهد فيه المشهد الإعلامي الأمريكي تحولات كبيرة، حيث تواجه الشبكات التقليدية منافسة متزايدة من منصات البث الرقمي ووسائل التواصل الاجتماعي. وشهدت ABC، المملوكة لشركة والت ديزني، نصيبها من الجدل في السنوات الأخيرة، وخاصة فيما يتعلق بموقفها التحريري المائل إلى اليسار. ويعتقد ماسك، الذي كان صريحًا منذ فترة طويلة بشأن مخاوفه بشأن “ثقافة الاستيقاظ” وتأثيرها على مختلف الصناعات، أن الاستحواذ على ABC وإعادة تشكيل هيكل قيادتها قد يكون الحل لصراعات الشبكة.
ومن أبرز جوانب خطة ماسك قراره بتعيين تاكر كارلسون، أحد أبرز الأصوات المحافظة في وسائل الإعلام الأمريكية، كرئيس تنفيذي لشركة ABC. ولم يخف كارلسون، الذي أطيح به من فوكس نيوز في أبريل 2023 بعد رحيله البارز، انتقاداته لما يسميه “أجندة الاستيقاظ” في وسائل الإعلام والثقافة. ومن شأن دوره الجديد في ABC أن يمثل تحولًا كبيرًا في اتجاه الشبكة، مما يجعلها أكثر توافقًا مع وجهات النظر المحافظة مع تحدي ما يراه العديد من المحافظين على أنه تحيز يساري في وسائل الإعلام السائدة.
وبحسب ماسك، فإن تعيين كارلسون هو “الطريقة الوحيدة” لتخليص ABC مما يسميه “اليقظة”، والتي يعتقد أنها تسللت إلى العديد من المؤسسات الإعلامية الكبرى. وقال ماسك في مقابلة أجريت معه مؤخرا: “نحن بحاجة إلى شبكة لا تخشى قول الحقيقة، بغض النظر عن مدى عدم شعبيتها. تاكر كارلسون هو الشخص الوحيد القادر على إعادة ABC إلى جذورها واستعادة الشبكة إلى مكان يمكنها من خدمة مصالح جميع الأميركيين، وليس فقط النخب التقدمية”.
لقد أصبح مصطلح “الوعي” مصطلحًا مثيرًا للجدل في السنوات الأخيرة، وغالبًا ما يستخدم لوصف مجموعة من المواقف التقدمية بشأن القضايا الاجتماعية مثل العرق والجنس والمساواة. بالنسبة للعديد من المحافظين، يُنظر إلى “الوعي” على أنه تهديد لحرية التعبير والقيم التقليدية، وهو أمر يكبت الحوار المفتوح ويجبر على التوافق مع الأفكار الصحيحة سياسياً. لقد استخدم كارلسون منصته بشكل متكرر لانتقاد هذا التحول الثقافي، وقد بنى قاعدة جماهيرية مخلصة من المشاهدين الذين يشاركونه وجهات نظره.
إذا تم تنفيذ خطة ماسك، فمن المرجح أن يؤدي تعيين كارلسون إلى إصلاح جذري لبرامج ABC وسياساتها التحريرية. لم يتردد ماسك، المعروف بنهجه التخريبي في التعامل مع الأعمال، في مواجهة التحديات الكبرى. سواء كان الأمر يتعلق بإدارته لشركة Tesla أو SpaceX أو Twitter (الآن X)، فقد أظهر ماسك مرارًا وتكرارًا أنه على استعداد للمخاطرة وتحدي الوضع الراهن. إن احتمال تغيير الاتجاه التحريري لـ ABC سيكون مهمة شاقة، لكن مشاركة ماسك في عملية الاستحواذ يمكن أن توفر الدعم المالي والاستراتيجي اللازم لتحقيق ذلك.
إن العواقب المحتملة لهذه الخطوة عميقة. فمن ناحية، ستمثل تعزيزًا كبيرًا لقوة وسائل الإعلام تحت قيادة ماسك، بعد استحواذه على تويتر (الآن X) في عام 2022. وقد يكون لنفوذ ماسك على وسائل التواصل الاجتماعي والبث التلفزيوني التقليدي تداعيات كبيرة على النظام البيئي الإعلامي في الولايات المتحدة، وخاصة عندما يتعلق الأمر بكيفية الإبلاغ عن الأخبار واستهلاكها.
ويزعم منتقدو خطة ماسك أن تعيين كارلسون كرئيس تنفيذي وإعادة توجيه برامج إيه بي سي نحو وجهات نظر محافظة من شأنه أن يزيد من تعميق الاستقطاب في وسائل الإعلام الأميركية. ويخشى البعض أن تؤدي هذه الخطوة إلى تغطية إخبارية أكثر تحزبا، مما يخلق انقساما بين المنافذ التي تلبي حصريا الجماهير الليبرالية أو المحافظة. وفي هذه البيئة، قد تتقلص المساحة المتاحة للتقارير الدقيقة والمتوازنة، مما يترك المشاهدين مع مصادر معلومات مجزأة بشكل متزايد.
من ناحية أخرى، يرى أنصار خطة ماسك أنها تصحيح ضروري لما يعتبرونه وفرة مفرطة من النفوذ اليساري في وسائل الإعلام السائدة. وقد زعم العديد من الأصوات المحافظة أن وسائل الإعلام “المستيقظة” أكثر اهتمامًا بتعزيز قضايا العدالة الاجتماعية من تقديم تقارير واقعية وغير متحيزة. وبالنسبة لهؤلاء الأفراد، تمثل خطط ماسك لشبكة ABC تحولاً طال انتظاره نحو وسائل الإعلام التي تتوافق مع قيمهم ومخاوفهم.
لا يزال الجانب المالي للصفقة غير مؤكد، حيث لم يكشف ماسك علنًا عن الشروط الدقيقة للاستحواذ المقترح. ونظرًا لمكانة ABC كشبكة بث رئيسية، فمن المرجح أن تبلغ قيمة أي صفقة محتملة مليارات الدولارات. ومع ذلك، فإن قدرة ماسك المثبتة على تأمين التمويل للمشاريع واسعة النطاق تجعل من المعقول تمامًا أن يتمكن من تنفيذ مثل هذا الاستحواذ عالي المخاطر.
إذا نجحت خطة ماسك في شراء إيه بي سي وتعيين كارلسون كرئيس تنفيذي، فإن ذلك من شأنه أن يرسل رسالة واضحة إلى صناعة الإعلام: إن الصراع على “الوعي” في الصحافة لم ينته بعد، وأن المعركة من أجل السيطرة على السرد سوف تستمر في التصاعد. ومع تكثيف المناقشة حول تحيز وسائل الإعلام والصوابية السياسية، فإن خطط ماسك قد تكون بمثابة نقطة اشتعال في المحادثة الأوسع نطاقا حول مستقبل الصحافة الأميركية.
في الأشهر المقبلة، ستتجه كل الأنظار إلى إيلون ماسك ومحاولته إعادة تشكيل واحدة من أكثر شبكات الإعلام شهرة في العالم. وسواء نجحت هذه الخطة الجريئة أم لا، فمن المؤكد أنها ستخلف تأثيرا دائما على الطريقة التي نفكر بها في وسائل الإعلام والسياسة والحروب الثقافية التي لا تزال تهيمن على الخطاب العام في الولايات المتحدة.