لا يعد الملياردير إيلون ماسك غريبًا على الأفكار الطموحة، لكن رؤيته الأخيرة قد تعيد تعريف السفر العالمي. اقترح ماسك مشروع نفق ثوري بقيمة 20 مليار جنيه إسترليني يمكن أن يربط لندن بنيويورك، مما يقلل وقت السفر بين المدينتين إلى 54 دقيقة فقط. في حين تبدو هذه الفكرة وكأنها شيء من رواية خيال علمي، إلا أنها لمحة عن مستقبل النقل الذي يعتزم ماسك تجسيده.
سيستفيد النفق المقترح من تكنولوجيا هايبرلوب المتطورة – وهو نظام من الأنابيب شبه المفرغة التي تنقل الكبسولات بسرعات لا تصدق. يزعم ماسك، العقل المدبر وراء شركتي تسلا وسبيس إكس، أن هذا المشروع يمكن أن يحول السفر الدولي، ويجعله أسرع وأكثر أمانًا واستدامة. يقال إن النفق سيمر تحت الماء، ويربط بين مدينتين من أكثر مدن العالم نفوذاً عبر المحيط الأطلسي.
إذا نجح هذا المشروع، فإنه من شأنه أن يقضي على الساعات الطويلة التي تقضيها الرحلات عبر الأطلسي، ويوفر مسارًا مباشرًا فائق السرعة للركاب والبضائع. تخيل أنك تصعد إلى كبسولة في لندن وتخرج منها في نيويورك في أقل من ساعة – وهو مفهوم يمكن أن يحدث ثورة في كل شيء من السفر لأغراض العمل إلى التجارة العالمية.
ورغم أن الفكرة مثيرة بلا شك، فإنها تثير تساؤلات حول جدواها. فبناء نفق تحت المحيط الأطلسي يتطلب هندسة رائدة وموارد غير مسبوقة. ولكن شركات ماسك ليست غريبة على تحدي الصعاب. فقد طورت شركته المتخصصة في حفر الأنفاق، The Boring Company، بالفعل أساليب فعّالة لإنشاء بنى تحتية تحت الأرض، مثل Las Vegas Loop.
يعتقد الخبراء أن تقنية هايبرلوب، رغم أنها لا تزال في مهدها، تقترب من الواقع. تجمع رؤية ماسك بين طريقة النقل المستقبلية هذه وتقنيات الأنفاق المتقدمة التي طورتها شركته. ومع ذلك، يزعم المتشككون أن المشروع سيواجه عقبات مالية ولوجستية وسياسية كبيرة.
إن الميزانية المقترحة البالغة 20 مليار جنيه إسترليني مذهلة، لكن ماسك يزعم أن الفوائد طويلة الأجل تفوق التكاليف الأولية بكثير. وهو يتصور النفق باعتباره حجر الزاوية في شبكة النقل العالمية، مما يقلل بشكل كبير من انبعاثات الكربون من خلال استبدال السفر الجوي التقليدي. وقد تكون العواقب البيئية عميقة، بما يتماشى مع مهمة ماسك الأوسع نطاقًا لخلق حلول مستدامة للمستقبل.
وعلاوة على ذلك، فإن مثل هذا المشروع من شأنه أن يولد آلاف الوظائف ويدفع عجلة التقدم التكنولوجي في العديد من الصناعات. ومع ذلك، فإن المنتقدين قلقون بشأن احتمال تجاوز الميزانية، والمقاومة السياسية، والمخاوف البيئية أثناء البناء.
وكما هي الحال مع أي إعلان يصدره ماسك، فإن الرأي العام منقسم. إذ يشيد المؤيدون بالمقترح باعتباره فكرة رائدة من شأنها أن تقرب بين العالم، في حين يصفه المنتقدون بأنه طموح للغاية. وتعج منصات التواصل الاجتماعي بالمناقشات، حيث أشاد بعض المستخدمين بالتفكير الرؤيوي لماسك، وتساءل آخرون عما إذا كان هذا مجرد وعد نبيل آخر قد لا يتحقق أبدا.
إن مشروع النفق الذي اقترحه ماسك من لندن إلى نيويورك يؤكد التزامه الراسخ بتجاوز الحدود. وسواء أصبح هذا المشروع حقيقة واقعة أم لا، فقد أثار نقاشاً عالمياً حول مستقبل النقل والابتكار. وفي الوقت الحالي، يراقب العالم عن كثب، متلهفاً لمعرفة ما إذا كان ماسك قادراً مرة أخرى على تحويل المستحيل إلى ممكن.